ومن أصحابنا من قال بظاهر كلام الشافعي، وأنه يستحب إعادة الخطبة والجمعة؛ لأنه لا يؤمن أن ينفضوا عنه مرة ثانية.
[فرع الانفضاض بعد الإحرام]
] : وإن أحرم الإمام بالجمعة، ثم انفضوا عنه ... ففيه ثلاثة أقوال منصوصة للشافعي: أحدها - وهو الصحيح -: (أنهم إذا انفضوا عن الأربعين في أثناء الصلاة
لم تصح الجمعة) ؛ لأن العدد شرط في ابتداء الصلاة، فكان شرطًا في استدامتها، كالوقت والاستيطان.
والثاني:(إن بقي معه اثنان ... أتم الجمعة) ؛ لأنهم يصيرون ثلاثة، وذلك أقل الجمع.
والثالث:(إن بقي معه واحد ... أتم الجمعة) ؛ لأن اثنين يحصل معهما فضل الجماعة.
وخرج المزني قولين آخرين:
أحدهما: أنهم إن انفضوا بعد أن صلى بهم ركعة ... أتمها جمعة، وإن كان قبل أن يصلي بهم ركعة
أتمها ظهرًا، وهو قول مالك.
وإنما خرج المزني هذا من قول الشافعي:(إذا فرق الإمام الناس طائفتين في صلاة الخوف في البلد، فصلى بالطائفة الأولى ركعة من الجمعة، ثم قام في الثانية، ينتظر الثانية، فلما جاز أن يبقى وحده، ثم يتمها جمعة إذا جاءت الثانية ... كذا هذا مثله) .
والثاني: إذا انفضوا عنه بعد الإحرام. جاز أن يتمها جمعة وإن بقي وحده، وأخذ هذا من قول الشافعي:(إذا أحدث الإمام، وقلنا: لا يجوز الاستخلاف ... جاز لهم أن يتموها جمعة) ؛ لأن الشيء قد يكون شرطًا في الابتداء، ولا يكون شرطًا في الاستدامة، ألا ترى أن النية شرط في ابتداء الصلاة، دون استدامتها.
فمن أصحابنا من صوب المزني في هذا التخريج، فقال: في المسألة خمسة أقوال. ومنهم من خطأه في ذلك.