أحدهما: يلزمه الضمان؛ لأنه لما منعه.. تبينا أنه كان ممسكا له على نفسه.
والثاني: لا ضمان عليه؛ وهو الأصح؛ لأن التعدي وجد بعد التلف.
[فرع: استخدام الوكيل ما وكل به]
] : وإذا دفع إليه ثوبا ليبيعه، فلبسه الوكيل، أو دفع إليه دابة ليبيعها، فركبها. صار ضامنا بذلك، وهل تبطل وكالته؟ فيه وجهان:
أحدهما: تبطل وكالته، فلا يصح بيعه؛ لأنه عقد أمانة، فبطل بالخيانة كالوديعة.
والثاني: لا تبطل وكالته، فيصح بيعه؛ لأن الوكالة تضمنت الأمانة والتصرف، فإذا بطلت الأمانة بالخيانة.. بقي التصرف، كالرهن يقتضي الوثيقة والأمانة، فإذا تعدى في الرهن. بطلت الأمانة، وبقيت الوثيقة، وتخالف الوديعة، فإنها مجرد أمانة لا غير.
فإذا قلنا بهذا، وباع الوكيل.. فمتى يبرأ من الضمان؟ فيه وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما - ويقول عامة أصحابنا -: أنه لا يبرأ إلا بتسليم المبيع إلى المشتري.. لأنه لو تلف في يده قبل التسليم إلى المشتري، لانفسخ البيع وعاد إلى ملك الموكل، فكان مضمونا عليه.
والثاني - وهو قول القاضي أبي الطيب -: أن بنفس البيع يزول عنه الضمان؛ لأنه صار ملكا للمشتري، فإذا قبض الثمن.. صار أمانة في يده؛ لأنه قبضه بإذن الموكل. ولم يوجد منه التعدي فيه.
فإن وجد المشتري بالبيع عيبا، فرده على الوكيل.. قال ابن الصباغ: فعندي أنه يعود مضمونا عليه؛ لأن المشتري ما قبضه للموكل، وإنما قبضه لنفسه، فزال الضمان بذلك، فإذا فسخ العقد.. انفسخ القبض، وعاد الضمان كما كان.