للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام.. لزمه أن ينفذ إليهم عوضه؛ لأنه أخذه منهم بعقد، وعقد المسلم مع الكافر صحيح؛ بدليل: أنه لا يصح أن يبتاع منه درهمين بدرهم.

وإن أعطاه المشرك شيئا ليبيعه له في دار الإسلام ويرده عليه.. كان وكيلا ًله، كما لو وكله مسلم على بيع ماله.

[مسألة: في إظهار الله تَعالَى للإسلام]

قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قال الله سبحانه وتعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: ٣٣] [التوبة: ٣٣] . فاعترض على هذا، وقيل: كيف أخبر الله تَعالَى: أنه يظهر دين الإسلام على الأديان كلها وقد وجدنا الأديان كلها باقية؛ مثل دين اليهود والنصارى والمجوس؟

فأجاب أصحابنا عن ذلك بأربعة أجوبة:

أحدها: أنه أراد إظهار الإسلام بالحجج والبراهين؛ لأنه ما من أحد يتفكر في معجزات النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التي أتى بها في حياته.. إلا ويعلم أن دين الإسلام حق، وإن غيره باطل.

والثاني: أنه أراد بالآية إظهار الإسلام في الحجاز دون غيره من البلاد؛ لأن النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث فيه وكانت فيه أديان مختلفة، فأسلم بعضهم، وقتل بعضهم، ودخل تحت الجزية والصغار بعضهم.

والثالث: أن الإسلام قد ظهر على كل دين؛ لأنه ما من دين إلا وقد أثر الإسلام فيه، وإن كان قد بقي منه بقية.

والرابع: أنه أراد بالآية: أنه إذا نزل عيسى ابن مريم؛ لأنه لا يبقى على وجه الدنيا دين غير دين الإسلام؛ بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يوشك أن ينزل عيسى ابن مريم،

<<  <  ج: ص:  >  >>