قال المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٦٨] : وهل يصح أن يكون القائف عبدا؟ فيه قولان بناء على أن القيافة حكم أو شهادة، فإن قلنا: حكم.. لم يصح. وإن قلنا: شهادة.. صح. قلت: هذا ضعيف؛ لأن العبد لا يصح أن يكون شاهدًا بحال.
وهل يصح أن يكون القائف من غير بني مدلج؟ فيه قولان.
أحدهما: لا يصح، لـ «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما سر بقول مجزز المدلجي» . ولأن القيافة في طباع بني مدلج من كنانة، فلم يصح من غيرهم.
والثاني: يصح، وهو الصحيح؛ لأنه علم يتعلم ويتعاطى فلم تختص به قبيلة بعينها، كالعلم بالأحكام.
وأما الخبر: فلا يدل على أنه يختص ببني مدلج، ولو كان كذلك، لاختصت القيافة بمجزز المدلجي وحده: لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما سر بقوله.
[فرع عدالة القائف]
ولا يحكم بقول القائف حتى يكون عدلا؛ لأن الحكم والشهادة لا تصح إلا من عدل. ولا يصح الحكم بقوله حتى يكون حاذقًا في القيافة، مجربًا، كما لا يقبل الحكم إلا ممن عرف حذقه في الحكم.
قال البغداديون من أصحابنا: ومعرفة حذقه في ذلك: بأن يرى صبيًا ثابت النسب من رجل بعينه، لا يعرف القائف أباه، مع جماعة ليس فيهم أبوه، فيقال: أيهم أبوه منهم؟ فإن قال: ليس فيهم أبوه.. أري الصبي مع جماعة رجال فيهم أبوه، فيقال: أيهم أبوه منهم؟ فإذا أخبرنا بأبيه منهم.. علم صدقه.
وقال المسعودي [في " الإبانة " ق\٣٦٨] : معرفة حذقه: بأن يؤتى بالولد ونسوة