وأما اليمين على المستقبل: فتصح أيضا؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «والله لأغزون قريشا» .
إذا ثبت هذا: فإن اليمين على المستقبل تنقسم على خمسة أضرب:
أحدها: يمين عقدها طاعة، والمقام عليها طاعة، وحلها معصية، مثل: أن يحلف: ليصلين الصلوات الواجبة، أو لا يشرب الخمر، أو لا يزني. وإنما كان عقدها والإقامة عليها طاعة؛ لأنها قد تدعوه إلى المواظبة على فعل الواجب، ويخاف من الحنث بها الكفارة. وحلها معصية؛ لأن حلها إنما يكون بأن يمتنع من فعل الواجب، أو يفعل ما حرم عليه.
والضرب الثاني: يمين عقدها معصية، والإقامة عليها معصية، وحلها طاعة، مثل: أن يحلف: أن لا يفعل ما وجب عليه، أو ليفعلن ما حرم عليه.
والضرب الثالث: يمين عقدها طاعة، والإقامة عليها طاعة، وحلها مكروه، مثل: أن يحلف: ليصلين النوافل، وليصومن التطوع، وليتصدقن بصدقة التطوع.
والضرب الرابع: يمين عقدها مكروه، والإقامة عليها مكروهة، وحلها طاعة، مثل: أن يحلف: لا يفعل صلاة النافلة، ولا صوم التطوع، وصدقة التطوع. وإنما قلنا عقدها والمقام عليها مكروه؛ لأنه قد يمتنع من فعل البر خوف الحنث، وإنما كان حلها طاعة؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من حلف على يمين، فرأى غيرها خيرا منها.. فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه» .