تالفاً.. فلا يقبل إقراره قولا واحدا في حق المولى في تعلق المال برقبته، بل يتعلق بذمته إلى أن يعتق؛ لأن المسروق إذا كان باقيا.. فالإقرار يتعلق به، وإذا كان تالفا.. لم يتعلق الإقرار بالمسروق، وإنما يتعلق برقبة العبد، فلم يقبل إقراره، كما لو أقر بغصب مال أو إتلافه. ومنهم من قال: القولان إذا كان المسروق تالفا:
أحدهما: يقبل على المولى، فتباع رقبته.
والثاني: لا يقبل، فيتعلق بذمته إلى أن يعتق.
فأما إذا كان المسروق باقيا في يده.. فلا يقبل على المولى قولا واحدا، بل يتعلق بذمته إلى أن يعتق؛ لأن يد العبد كيد المولى. ولو أقر بعين في يد المولى.. لم يقبل، فكذلك إذا أقر بعين في يده.
ومنهم من قال: القولان في الحالين، سواء كان المسروق باقيا أو تالفا؛ لأن العبد وما في يده في حكم ما في يد المولى، فإذا قبل إقرار العبد على المولى في أحدهما.. قبل في الآخر، وإذا لم يقبل إقراره في أحدهما.. لم يقبل في الآخر.
[مسألة: لا عفو ولا شفاعة إذا ثبتت السرقة الموجبة للقطع لدى السلطان]
وإذا ثبتت السرقة الموجبة للقطع عند السلطان أو الحاكم.. لم يجز له أن يعفو عنه، ولا لغيره أن يشفع إليه في ذلك؛ لما روت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أتي بسارق، فأمر به فقطع، فقيل: يا رسول الله، ما كنا نرى أنك تبلغ به هذا؟ فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لو كانت فاطمة بنت محمد.. لأقمت عليها الحد» .
ورُوِي: «أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر بقطع امرأة من بني مخزوم، فاجتمع أهلها وأقرباؤها، وقالوا: نسأل أسامة بن زيد، فإنه حب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسأل رسول الله، في أمرها، فسألوه، فسأله، فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: "لا تسألوني في حد" ثم صعد المنبر، فقال: "إنما هلك من كان قبلكم؛ لأنهم كانوا: إذا سرق فيهم الشريف..