للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب نكاح المشرك]

أنكحة أهل الشرك صحيحة، وطلاقهم واقع. فإذا نكح مشرك مشركة وطلقها ثلاثا.. لم تحل له إلا بعد زوج.. ولو نكح مسلم ذمية ثم طلقها ثلاثا، ثم نكحها ذمي ودخل بها وطلقها الذمي.. حلت للمسلم الذي طلقها بعد انقضاء عدتها. فيتعلق بأنكحتهم سائر الأحكام التي تتعلق بأنكحة المسلمين. وبه قال الزهري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، وأصحابه - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.

وقال مالك رحمة الله عليه: (أنكحة أهل الشرك باطلة، فلا يتعلق بها حكم من أحكام النكاح الصحيح) . وحكاه أصحابنا الخراسانيون قولا آخر للشافعي:

دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: ٩] [القصص: ٩] ، وقَوْله تَعَالَى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: ١] إلى قَوْله تَعَالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] [المسد: ١ - ٤] ، فأضاف امرأتيهما إليهما، وحقيقة الإضافة تقتضي الملك.

وروي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «ولدت من نكاح لا من سفاح» ، وكان مولودا في الشرك. إذا ثبت هذا: فإن أسلم الزوجان المشركان معا، فإن كانا عند إسلامهما ممن يجوز ابتداء النكاح بينهما.. أقرا على نكاحهما الأول وإن كانا عقدا بغير ولي ولا شهود؛ لأنه أسلم خلق كثير وأقرهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أنكحتهم ولم يسأل عن شروطها. وإن كانا لا يجوز لهما ابتداء عقد النكاح بينهما، بأن كانت محرمة عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة، أو معتدة من غيره.. لم يقرا على النكاح؛ لأنه لا يجوز لهما ابتداء النكاح، فلا يجوز إقرارهما عليه.

[مسألة أسلم وزوجته كتابية أو مشركة]

وإن أسلم الزوج والزوجة كتابية.. أقرا على النكاح؛ لأنه يجوز للمسلم ابتداء النكاح على الكتابية، فأقرا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>