شهادتهما؛ لأنهما يدفعان بشهادتهما عن أنفسهما ضررا؛ وهو تحمل الدية، وإن كانا فقيرين.. فقد قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في موضع:(لا تقبل شهادتهما) ، وقال في موضع آخر:(إن كان في عاقلته من هو أقرب منهما بحيث لا يحملان إلا بعد عدم من هو أقرب منهما.. قبلت شهادتهما) . واختلف أصحابنا فيه:
فمنهم من نقل جوابه في كل واحدة منهما إلى الأخرى وخرجها على قولين:
أحدهما: تقبل شهادتهما؛ لأنهما لا يحملان العقل في هذه الحال، فلم تلحقهما تهمة في الشهادة.
والثاني: لا تقبل شهادتهما؛ لأنه يجوز أن يكونا عند الحول ممن يحمل الدية، فالتهمة تلحقهما في الشهادة، فلم يقبلا.
ومنهم من حملهما على ظاهرهما فقال: تقبل شهادتهما إذا كان هناك من العاقلة من هو أقرب منهما؛ لأنهما غير معدودين في العاقلة، ولا تقبل شهادتهما إذا لم يكن هناك أقرب منهما؛ لأنهما معدودان في العاقلة، ولا اعتبار بفقرهما؛ لأن المال غاد ورائح، ويجوز أن يكونا غنيين عند الحول.
[مسألة شهادة الخصم والعدو]
] : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (ولا خصم؛ لأن الخصومة موضع عداوة) .
وقال أصحابنا: العداوة على ضربين؛ عداوة دينية، وعداوة دنيوية.
فأما (العداوة الدينية) : فمثل عداوة المسلمين للكفار، وعداوة أهل الحق لأهل الباطل، فهذه لا تمنع قبول الشهادة. وأما (العداوة الدنيوية) : فإنها تمنع قبول الشهادة؛ وذلك مثل أن يقذف رجل رجلا، فيشهد المقذوف على القاذف، فلا تقبل شهادته. وكذلك إذا قطع رجل على رجل الطريق، فشهد المقطوع عليه على القاطع.. فلا تقبل شهادته. وبه قال مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (العداوة لا تمنع قبول الشهادة بحال) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا تقبل شهادة خصم، ولا ظنين، ولا ذي غمر على أخيه،