إذا أقر من يجب عليه حد الزِّنَى مرة واحدة أنه زنَى.. وجب عليه الحد. وبه قال مالك، وأبو ثور، والحسن البَصرِيّ، وعثمان البتيُّ، وحماد بن أبي سليمان. ورُوِي ذلك عن أبي بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -. وقال أبُو حَنِيفَة وأصحابه، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق:(لا يجب عليه الحد حتى يقر أربع مرات) . فأما ابن أبي ليلى وأحمد فقالا:(إذا أقر أربع مرات في مجلس واحد أو مجالس.. لزمه الحد) . وأمَّا أبُو حَنِيفَة وأصحابه فقالوا:(لا يجب عليه الحد حتى يقر أربع مرات في أربعة مجالس) .
دليلنا: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للرجل الذي سأله:«على ابنك جلد مائة وتغريب عام. واغد يا أنيس على امرأة هذا، فإن اعترفت.. فارجمها» والاعتراف يقع على المرة الواحدة.
ورُوِي: «أن الغامدية قالت: يا رسول الله، إنِّي قد فجرت، فقال رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ارجعي " فلما كان من الغد أتته، وقالت: أتريد أن تردني كما رددت ماعزا؟ والله إنِّي لحبلى، فقال لها:" ارجعي " فجاءت في اليوم الثالث، فقال لها:" ارجعي حتى تضعي ". فلما وضعت.. قال لها:" ارجعي حتى تفطمي ولدك " فلما فطمته.. أتته، فأمر برجمها.» ولم ينقل أنها اعترفت عنده إلا مرة واحدة. وروى عمران بن الحصين: «أن امرأة من جهينة جاءت إلى النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاعترفت بالزِّنَى وهي حبلي، فدعا النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وليها وقال له:" أحسن إليها حتى تضع، فإذا وضعت.. فجئ بها " فلما وضعت.. جاء بها، فأمر بها النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشبكت عليها ثيابها - يعني شدت- ورجمت» . ورُوِي:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: من أتى من هذه القاذورات شيئا.. فليستتر بستر الله؛ فإن من أبدى لنا صفحته.. أقمنا عليه حد الله» و (الصفحة) : الاعتراف. ولم يفرق.