[فرع: ادعاء أحد الشريكين ابتياع نصيب الغائب المودع]
وإن كانت دار في يد رجلين، نصفها ملك لأحدهما، ونصفها الآخر لغائب، وهو في يد الآخر وديعة، فادعى المالك على المودع: أنه ابتاع النصف من الذي أودعه إياه، وأنه يستحق أخذه بالشفعة، وقال المدعى عليه: ما ابتعته، وإنما هو وديعة، فإن لم يكن للمدعي بينة.. فالقول قول المدعى عليه مع يمينه، وإن كان مع المدعي بينة، فأقامها.. ثبتت الشفعة.
وإن أقام كل واحد منهما بينة بما ذكره.. قال المزني: قضيت له بالشفعة؛ لأن الإيداع لا ينافي البيع؛ لأنه يمكن أن يكون أودعه أولا، ثم ابتاعه منه.
فإن قيل: هذا الذي ذكرتموه إنما يمكن إذا كانت البينتان مطلقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة، أو كانتا مؤرختين وبينة الوديعة متقدمة، فأما إذا كانتا مؤرختين وتاريخ البيع سابق.. كان متنافيا.
قال أصحابنا: لا تتنافيان أيضا؛ لجواز أن يكون البائع غصبها بعد البيع، ثم ردها بلفظ الإيداع، أو ردها مطلقا، فظن الشاهدان أنها وديعة.
قال الشيخ أبو حامد: ويحتمل أن يكون البائع أمسك الشقص على استيفاء الثمن، ثم أودعه المشتري، فصح إيداعه، ولا يكون ذلك إقباضا عن البيع، ألا ترى أنه لو تلف كان من ضمان البائع؟
قال المزني في (الجامع الكبير) : ولو أقام الشفيع البينة بالشراء، وأقام من بيده الشقص البينة: أنه ورثها.. تعارضت البينتان؛ لأن الشراء ينافي الميراث، فتكون على قولين:
أحدهما: تسقطان.
والثاني: تستعملان، على ما يأتي في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال أبو العباس: فإن شهدت بينة الإيداع: أنه أودعه ما هو يملكه، وبينة الشراء مطلقة.. كانت بينة الإيداع أولى؛ لأنها صرحت بالملك، ويراسل الغائب، فإن