وإن بان له بعد فراغه من تكبيرة الإحرام. . . فإنه ينحرف إلى الجهة الثانية، وهل يستأنف الصلاة، أو يبني على إحرامه؟ فيه وجهان:
[الأول] : من أصحابنا من قال: يلزمه أن يستأنف؛ لأن الصلاة الواحدة لا تؤدى باجتهادين، كما لا يحكم الحاكم في قضية واحدة باجتهادين.
والثاني - وهو المنصوص -: أنه يبني على إحرامه؛ لأن الاجتهاد لا ينقض باجتهاد مثله، ويخالف حكم الحاكم؛ لأن حكم الحاكم هو قوله: حكمت، وأمضيت. ولا يتصور تبعيض ذلك؛ لأن اجتهاده إن تغير قبله. . . فإنه يحكم بالثاني، وإن تغير بعده. . فإنه لا ينقض الأول، وليس كذلك ما فعل من الصلاة؛ لأنه كالحكم الذي نفذ، فلا ينقض باجتهاد ثان.
[فرع تغير الاجتهاد للجماعة]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في " الأم "[١/٨٢] : (وإذا اجتهد جماعة في القبلة، فأداهم اجتهادهم إلى جهة واحدة، فأمهم أحدهم، ثم تغير اجتهاد بعضهم في أثناء الصلاة، فإن تغير اجتهاد الإمام. . . فعليه أن ينحرف إلى الجهة الثانية، ولا يلزم المأمومين اتباعه، بل ينوون مفارقته؛ لأن اعتقادهم بطلان اجتهاده، وإن تغير اجتهاد المأمومين.. فعليهم أن ينووا مفارقته، وينحرفوا إلى الثانية) .
وهل يبنون، أو يستأنفون على ما مضى.
فإذا قلنا: يبنون. . لم تبطل صلاتهم؛ لأنهم فارقوه بعذر.
[فرع لو شك أثناء الصلاة أو دخل بلدًا فيها محاريب]
] : قال في " الأم "[١/٨٢] : (وإذا دخل في الصلاة بالاجتهاد، ثم شك في أثناء الصلاة: أن تلك جهة القبلة، أم لا؟ فعليه أن يمضي في صلاته، ولا ينحرف؛ لأنه دخل في الصلاة بالاجتهاد، والاجتهاد إنما يتغير باجتهاد، أو يقين، فأما الشك: فلا يؤثر فيه) .