قال ابن الصباغ: وهذه يجيء فيها الوجهان، كالوجهين في التي قبلها:
أحدهما: لا يحضره إلا ببينة.
والثاني: يحضره من غير بينة. وهل يحلف القاضي؟ على الوجهين في التي قبلها أيضا.
وإن قال المدعي: أخرج من يدي عقارا أو عينا فدفعها إلى فلان بغير حق، فقال المعزول: بل فعلت ذلك بحق.. كان القول قول المعزول بلا يمين.
وأما الذي في يده العقار أو العين، فإن صدق القاضي بأنه حكم له بذلك.. لم يقبل قوله من غير بينة. وهل يكون قول القاضي بعد عزله: حكمت له بذلك شهادة مقبولة؟ فيه وجهان:
أحدهما: تكون شهادته مقبولة؛ لأنه ليس فيه أكثر من أنه شهد على فعل نفسه بما لا يجز به إلى نفسه نفعا فقبل، كما لو شهدت المرضعة على إرضاعها.
والثاني: لا تكون شهادة مقبولة؛ لأن شهادته بالحكم تضمنت إثبات العدالة لنفسه، فلم يصح.
وإن قال الذي في يده العقار أو العين هذا ملكي.. لم يحكم لي به القاضي.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الظاهر مما في يده أنه يملكه.
[فرع شهدا على رجل بطلاق ونحوه فادعى كذبهما وطلب إحضارهما]
قال ابن الصباغ: إذا شهد شاهدان على رجل بعتاق أو طلاق أو حد، فادعى عليهما أنهما شهدا عليه في ذلك زورا وسأل إحضارهما.. فإنهما يحضران؛ لجواز أن يقرا فيلزمهما الغرم. فإذا حضرا، فإن أنكرا، فأقام المدعي عليهما البينة.. لزمهما الغرم، وإن لم يقم بينة بذلك.. فإنهما لا يستحلفان؛ لأن إحلافهما يطرق عليهما الدعوى في الشهادة والامتهان، وربما منع ذلك من إقامة الشهادة.