للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يحتاج إلى إصلاح العمل مع ذلك سنة؟ فيه قولان، حكاهما ابن الصباغ:

أحدهما: لا يفتقر إلى ذلك - وبه قال أحمد - لحديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولأن المعصية قول فكفرت بالتوبة منها بالقول، كالردة.

والثاني: يفتقر مع ذلك إلى إصلاح العمل سنة - ولم يذكر الشيخان: أبو حامد وأبو إسحاق غيره - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: ٥] [النور: ٤ - ٥] وهذا نص.

وأما إذا شهد على غيره بالزنى ولم يتم العدد: فإن قلنا: لا يجب عليه الحد.. فهو على عدالته. وإن قلنا: يجب عليه الحد.. فالتوبة منه بالقول، وهو أن يقول: ندمت على ما كان مني، ولا أعود إلى ما أتهم فيه. فإذا قال ذلك.. قبلت شهادته، ولا يشترط فيه إصلاح العمل؛ لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال لأبي بكرة حين شهد على المغيرة بالزنى ولم يتم العدد: (تب أقبل شهادتك) ، ولم يشترط عليه إصلاح العمل، ولم ينكر عليه أحد. والفرق بينه وبين القذف الصريح: أن الفسق بالقذف الصريح علم نصا، والفسق هاهنا بالشهادة علم بالاجتهاد.

وتقبل أخباره قبل التوبة؛ لأن أبا بكرة كانت أخباره مقبولة، ولأن الخبر أوسع من الشهادة؛ بدليل: أن الخبر يقبل من الرقيق ولا تقبل منه الشهادة.

فإن كانت المعصية بشهادة الزور.. فالتوبة منه أن يقول: كذبت فيما قلت، ولا أعود إلى مثله. قال الشيخ أبو إسحاق: ويشترط إصلاح العمل على ما ذكرناه. ولم يذكر الشيخ أبو حامد وابن الصباغ إصلاح العمل.

[مسألة: شهادة العبد والذمي ونحوهما إذا أعادوا الشهادة بعد كمالهم]

مسألة: [شهادة العبد والذمي والصبي والفاسق بعد التوبة إذا أعادوا الشهادة بعد كمالهم] : وإن شهد صبي أو عبد أو ذمي بشهادة.. لم يسمعها الحاكم، فإن سمعها ثم بان

<<  <  ج: ص:  >  >>