لهما في الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولأن التكليف يزول بزوال العقل، كما يزول بخروج الروح، فلما وجبت الدية بخروج الروح.. وجبت بزوال العقل.
فإن ذهب بعض عقله وعرف قدر الذاهب، بأن صار يجن يومًا ويفيق يومًا.. وجبت فيه نصف الدية، وإن لم يعرف قدر الذاهب، بأن صار يفزع مما لا يفزع منه العقلاء.. وجبت فيه الحكومة.
إذا ثبت هذا: فإن كانت الجناية التي ذهب بها العقل مما لا أرش لها، بأن لطمه، أو لكمه، أو ضربه بحجر أو غيره، ولم يجرحه.. وجبت دية العقل، على ما مضى، وإن كان لها أرش.. ففيه قولان:
[أحدهما] : قال في القديم: (يدخل الأقل منهما في الأكثر، مثل: إن أوضحه فذهب عقله.. فإن أرش الموضحة يدخل في دية العقل.. وإن قطع يديه من المرفقين.. دخلت دية العقل في دية اليدين، والحكومة فيهما) . وبه قال أبو حنيفة؛ لأن العقل معنى يزول التكليف بزواله، فدخل في ديته أرش الطرف، كالروح.
و [الثاني] : قال في الجديد: (لا يدخل أحدهما في الآخر) . وهو الأصح؛ لأنها جناية أذهبت منفعة حالة في غير محل الجناية مع بقاء النفس، فلم يتداخل الأرش، كما لو أوضحه وذهب بصره. هكذا ذكر الشيخ أبو حامد.
وذكر الشيخ أبو إسحاق: إن كانت الجناية وجبت بها دية كاملة.. لم تدخل إحدى الديتين في الأخرى، قولًا واحدًا؛ لما تقدم من خبر عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
[مسألة ما يجب بإزالة الشفتين]
] : وتجب في الشفتين الدية؛ لما روى عمرو بن حزم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«وفي الشفتين الدية» . وهو قول أبي بكر،