والفرق بينهما: أن القاذف ربما هرب ففات الحد. والمال لا يفوت بهربه. وإن ادعى عليه مالا وأقام عليه شاهداً.. فليس له أن يحلف المدعي مع شاهده حتى يبحث عن عدالته، وهل يحبس المدعى عليه إلى أن يعرف عدالته؟
إن قلنا بقول الإصطخري في التي قبلها: لا يحبس.. فهاهنا أولى وإن قلنا هناك بالمذهب.. حبس هاهنا لأن الشاهد مع اليمين حجة في المال.
[فرع: قذفه وادعى أنه كان صغيرا]
وإن قذف غيره، فقال: القاذف: قد قذفتك وكنت صغيراً يوم القذف، وقال: المقذوف بل كنت بالغا يومئذ ولا بينة لهما.. فالقول قول القاذف مع يمينه، لأن الأصل عدم البلوغ. فإذا حلف.. كان عليه التَّعزِير. وكذلك إن أقام القاذف.. البينة أنه كان صغيرا يوم القذف. وإن أقام المقذوف بينة أنه كان بالغا يوم القذف.. وجب عليه الحد.
وإن أقام كل واحد منهما بينة، فإن كانتا مطلقتين، أو إحداهما مطلقة والأخرى مؤرخة.. فهما قذفان، لأنه يمكن استعمالهما على ذلك فيجب على القاذف التَّعزِير بقذفه وهو صغير، والحد بقذفه وهو كبير إن ادعاهما المقذوف.
وإن كانتا مؤرختين تأريخا واحداً.. فهما متعارضتان، فإن قلنا: إنهما تسقطان.. كان كما لو لم يكن لهما بينة، ويحلف القاذف، ولا يحد بل يعزر، وإن قلنا تستعملان.. فلا تجيء القسمة، لأن القسمة لا تجيء في القذف، ولا يجيء الوقف، لأن القذف لا يجوز وقفه، ولكن يقرع بينهما، فإن خرجت القرعة للقاذف.. لم يحد ولكن يعزر، وإن خرجت للمقذوف.. حد القاذف. وهل يحلف من خرجت له القرعة؟ على قولين يأتي بيانهما إن شاء الله تَعالَى.