فإن قيل: النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفن في بيت عائشة أم المؤمنين؟
قلنا: إلا أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دفن أصحابه في المقبرة، فكان الاقتداء بفعله أولى.
ولأنهم أرادوا تخصيص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك؛ لأنه يكثر إليه الزوار، بخلاف غيره.
وروي:«أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما مات ... اختلفوا في موضع دفنه، فقال أبو بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: سمعت من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا ما أُنسيته، سمعته يقول: ما قبض الله نبيًا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه» ادفنوه في موضع فراشه.
[فرع: الاختلاف على موضع الدفن]
] : وإن تشاحَّ الورثة، فقال بعضهم: ندفنه في ملكه، وقال بعضهم: يدفن في المقبرة المسبلة ... فإنه يدفن في المقبرة المسبلة؛ لأن الملك قد صار لهم.
ولو قال بعضهم: أنا أكفنه من مالي، وقال بعضهم: بل يكفن من ماله ... كفن من ماله.
والفرق بينهما: أنه لا منة عليهم بدفنه في المقبرة المسبلة، وعليهم المنة في كفن بعض الورثة له من ماله.
فإن بادر بعضهم، ودفنه في ملك الميت ... قال أصحابنا: كان للباقين نقله؛ لأن الملك قد صار لهم، غير أنه يكره لهم نقله.