قال القاضي أبو الطيب: فالفرق بينهما: أن مالك نصف العبد لا يملكه إلا ناقص القيمة؛ لأنه لا يملك بيع نصيب شريكه، وليس كذلك الخفان، فإن صاحبهما يملك بيعهما، واستيفاء جميع العشرة من ثمنهما، وإنما النقصان حصل بفعل الغاصب، فإن كانا بحالهما، ودخل سارق إلى حرز مالك الخفين، فسرق أحدهما.. ففي قدر الضمان ما ذكرناه، ولا يختلف أصحابنا: أنه لا يجب عليه القطع؛ لأن ما ضمنه مما زاد على درهمين.. إنما ضمنه في ذمته؛ لأجل التفريق بينهما، وما ضمنه في ذمته.. لا يجب به القطع عليه، كما لو دخل حرز الرجل، وأتلف عليه مالا.
[مسألة: استعمال مغصوب له أجرة]
وإن غصب ثوباً، فلبسه مدة لمثلها أجرة، فنقصت أجزاؤه باللبس.. لزمه رد الثوب، وما الذي يرد معه؟ فيه وجهان:
[أحدهما] : من أصحابنا من قال: يلزمه أكثر الأمرين من أرش ما نقص من قيمته، أو قدر الأجرة؛ لأن الأجرة تجب لأجل المنفعة، والنقص حصل بالانتفاع، فلم يجب الأمران، كما لو استأجر ثوباً، ولبسه، ونقصت أجزاؤه باللبس.
والثاني ـ وهو الصحيح ـ: يجب عليه أرش ما نقص، والأجرة؛ لأن الأرش وجب لحصول النقصان، بدليل: أنه لو نقص بغير استعمال.. لوجب عليه الأرش، والأجرة وجبت لأجل الاستعمال، بدليل: أن الأجرة تجب إذا قام في يده مدة لمثلها أجرة وإن لم يستعمله، وقد وجد الأمران، فلزمه ضمانهما.
[فرع: رتفاع ثمن المتاع المغصوب ثم نقصه]
فرع:[ارتفاع ثمن المتاع المغصوب ثم نقصه] :
وإن غصب قميصاً قيمته عشرة دراهم، فلبسه وأبلاه حتى صارت قيمته خمسة دراهم، ثم زاد السعر، فصار باللبس يساوي عشرة.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : قال ابن الحداد: يقوم، وليس بلبيس في هذا الوقت، ثم يقوم لبيساً، فيلزمه ما بين القيمتين.