] : وإن فاتته صلاة في الحضر، وأراد قضاءها في السفر، وجب عليه أن يقضيها تامة.
وقال الحسن البصري والمزني: يجوز أن يقضيها مقصورة؛ لأن الاعتبار بحال الفعل، ولهذا لو ترك صلاة في حال الصحة، فقضاها في حال المرض، كان له أن يصليها قاعدًا، وكما لو فاته صوم في الحضر، فذكره في السفر فإن له أن يفطر.
ودليلنا: أن هذه صلاة تعين عليه فعلها أربعًا، فلا يجوز له النقصان عن عددها، كما لو لم يسافر، وكم لو نذر أن يصلي أربع ركعات.
وأما ما ذكراه من صلاة المريض: فالفرق بينهما: أن المرض حال ضرورة، والسفر حال عذر، فلا يعتبر أحدهما بالآخر، ألا ترى أنه لو افتتح الصلاة قائمًا في الصحة، ثم طرأ عليه المرض، في أثنائها جاز له القعود، ولو افتتح الصلاة في الحضر، ثم سافر في أثنائها لم يجز له قصرها.
وأما الصوم: فإن كان تركه في الحضر لغير عذر، بأن أكل عامدًا فقد اختلف أصحابنا فيه:
فقال أبو إسحاق المروزي: لا يجوز له تركه في السفر؛ لأنه مفرط.
فعلى هذا: يسقط السؤال.
وقال أكثر أصحابنا: هو مخير بين قضائه في السفر أو الحضر، وكذلك إذا تركه في الحضر بعذر، فهو مخير أيضًا بين قضائه بالسفر أو الحضر، فيكون الفرق بينه وبين الصلاة: أن الترخص في الصوم بالسفر هاهنا إنما هو بتأخيره، لا بسقوط بعضه، والترخص بالسفر في الصلاة إنما هو بسقوط بعضها، ولهذا لو دخل في الصوم بالسفر؛ كان مخيرًا بين إتمامه أو الفطر منه، ولو دخل في الصلاة في السفر بنية التمام لم يجز له قصرها.