للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسخت النكاح لأجلها.. لم يرجع إليها ما في مقابلتها، فهو كما لو أفلس المشتري والمبيع تالف.. فإنه لا يثبت للبائع الرجوع إلى المبيع، ولو أبرأت الزوج عنها.. صحت براءتها؛ لأنه دين معلوم، فصحت البراءة منه، كسائر الديون.

[فرع مقاصة المرأة بدينها عن نفقة المعسر]

وإذا كان له دين في ذمة امرأته من جنس النفقة، واستحقت النفقة أو الكسوة عليه، وأراد أن يقاصها في ذلك.. نظرت:

فإن كانت موسرة.. كان له ذلك؛ لأن عليها قضاء دينها؛ ليسارها ومطالبته إياها، فيكون كالمال الذي في يده، وله التحكم في جعل النفقة فيه.

وإن كانت معسرة.. لم يكن له ذلك؛ لأن من عليه دين لإنسان.. يلزمه قضاؤه من الفاضل عن قوت يومه وليلته، وفي المقاصة بذلك في حال إعسارها التزام قضاء الدين من القوت، فلم يكن له ذلك.

[مسألة اختلاف الزوجين في دفع النفقة]

إذا تزوج الرجل امرأة، ومكنته من نفسها زمانًا، ثم اختلفا في النفقة، فادعى الزوج: أنه قد أنفق عليها، وقالت: لم ينفق علي، ولا بينة للزوج.. فالقول قول الزوجة مع يمينها، سواء كان الزوج معها أو غائبا عنها، وبه قال أبو حنيفة وأحمد.

وقال مالك: (إن كان الزوج غائبًا عنها.. فالقول قولها، وإن كان حاضرًا معها.. فالقول قول الزوج مع يمينه؛ لأن الظاهر أنها لا تسلم نفسها إليه إلا بعد أن تتسلم النفقة) . وهكذا قال في (الصداق) .

ودليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» . والزوجة تنكر القبض، فكان القول قولها مع يمينها.

ولأنهما زوجان اختلف في قبض النفقة، فكان القول قولها، كما لو سلمت نفسها والزوج غائب.

<<  <  ج: ص:  >  >>