فقال: ذلك على ما قضينا وهذا على ما نقضي) . وروي عنه:(أنه قضى في الجد بسبعين قضية) ، وقيل: بمائة قضية، وكذلك روي عن علي ولا مخالف لهما في ذلك. ولأن الاجتهاد الثاني كالأول، فلو نقض الأول بالثاني.. أدى إلى أن لا يثبت حكم؛ لأنه قد يتغير الثاني إلى غيره.
قال المسعودي [في " الإبانة "] : واختلف أصحابنا في مسائل لأبي حنيفة: هل ينقض الحكم فيها على أصحاب أبي حنيفة، منها: النكاح بلا ولي، والحكم ببيع أم الولد، وحصول اللعان بأكثر كلمات اللعان، وحيث قالوا: لا تقبل شهادة المحدود في القذف بعد التوبة، وقولهم: لا قصاص بين طرف الرجل والمرأة، وقولهم: لا يجب الحد بوطء الأم بالنكاح، وحكمهم بالشفعة للجار
فمن أصحابنا من قال: ينقض حكمهم في ذلك كله؛ لأن الخطأ ظاهر في ذلك بدليل قاطع من الكتاب والسنة.
ومنهم من قال: لا ينتقض حكمهم في ذلك؛ لأن الخطأ فيها إنما ظهر بقياس غير جلي.
وأما إذا بان له الخطأ في اجتهاده قبل أن ينفذ حكمه.. فلا يجوز أن يحكم بالاجتهاد الأول؛ لأنه يعتقده خطأ، فلا يجوز له الحكم به.
[مسألة لا يتعقب القاضي حكم الذي قبله]
] : قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (وليس للقاضي أن يتعقب حكم من قبله) .
وجملة ذلك: أن القاضي إذا عزل وولي بعده قاض، فإن كان الأول لا يصلح للقضاء.. نقضت أحكامه كلها، أصاب فيها أو أخطأ؛ لأنه لا يصح حكمه.
وإن كان يصلح للقضاء.. فلا يجب على الثاني أن يتصفح أحكامه من غير متظلم؛ لأن الظاهر منها الصحة. وهل يجوز له أن يتصفحها من غير متظلم؟ فيه وجهان: