ومن أصحابنا من قال: إنما يتصور ذلك في وكيلين للولي، ادعى أحدهما القتل على هذين، وادعى الآخر على هذين.
[مسألة شهد شاهد على آخر بقتل عمد وشهد آخر أنه خطأ أو شهدا على إقراره]
] : وإن شهد رجل على رجل: أنه أقر بقتل رجل عمدا، وشهد آخر: أنه أقر بقتله خطأ.. فقد تمت البينة على القتل ولم تتم على صفة القتل، فيسأل المشهود عليه، فإن أنكر القتل.. لم يلتفت إلى إنكاره. وإن أقر بقتل العمد.. حكم عليه بموجب قتل العمد بإقراره. وإن أقر بقتل الخطأ وصدقه الولي على ذلك.. وجبت الدية في ماله، وإن كذبه الولي.. فالقول قول الجاني مع يمينه؛ لأن الأصل عدم العمد، فإن حلف.. ثبت قتل الخطأ، وإن نكل.. حلف المدعي ويثبت قتل العمد.
وإن أقر المشهود عليه بقتل العمد وكذبه الولي وقال: بل كان خطأ.. لم يجب القود؛ لأن الولي لا يدعيه، وتجب فيه دية الخطأ.
قال ابن الصباغ: وينبغي أن يكون في مال الجاني؛ لأنها لم تثبت بالبينة.
وإن شهد أحدهما: أنه قتله عمدا، وشهد الآخر: أنه قتله خطأ.. ثبت القتل بشهادتهما ولم تتناف الشهادتان؛ لأن الفعل الواحد قد يعتقده أحدهما عمدا والآخر خطأ، ويسأل الجاني، فإن أقر بقتل العمد.. حكم عليه بموجبه. وإن أقر بالخطأ وصدقه الولي.. وجبت الدية، وإن كذبه الولي.. فللولي أن يحلف؛ لأنه أقام بما يدعيه شاهدا، وذلك لوث، ويخالف الأولى؛ فإن الشهادة هناك على الإقرار ولا لوث في الإقرار.
فإن لم يحلف الولي.. حلف الجاني ووجبت الدية في ماله مؤجلة؛ لأنها تثبت بإقراره. فإن لم يحلف الجاني.. فهل ترد اليمين على الولي؟ فيه قولان مضى ذكرهما.
فإن قلنا: ترد عليه فحلف.. ثبت موجب قتل العمد.
وإن قلنا: لا ترد عليه، أو قلنا ترد وامتنع عن اليمين.. تثبت دية الخطأ مؤجلة في مال الجاني؛ لأنها متيقنة.