ولا تؤخذ الجزية من صبي؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ}[التوبة: ٢٩] الآية [التوبة: ٢٩] . فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يعطوا الجزية، والصبي لا يقاتل. ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لمعاذ:«خذ من كل حالم دينارا» ورُوِي: عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن لا يأخذوا الجزية من النساء والصبيان) .
قال الشافعيُّ، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فإن بذل الذمي الجزية عن ولده الصغير.. قيل له: أتبذله من مال للصغير أو من مالك؟ فإن قال: أبذله من مال الصغير.. لم يجز أخذه؛ لأن الصغير لا جزية عليه. وإن قال: أبذله من مالي.. أخذ منه؛ لأنه بذل زيادة على جزيته) .
إذا ثبت هذا: فإن ولد الذمي تابع لأبيه في الأمان ما لم يبلغ، فإذا بلغ.. زال حكم التبع، وقيل له: لا يجوز إقرارك في بلاد الإسلام بغير جزية، فإن لم يبذل الجزية.. صار حربا لنا، وإن اختار أن يبذل الجزية.. فهل يفتقر إلى استئناف عقد الذمة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يفتقر إلى استئناف عقد الذمة؛ لأنه عقد دخل فيه قبل البلوغ، فإذا بلغ.. لزمه، كإسلام أبيه.
فعلى هذا: يلزمه جزية أبيه، فإن كان أبوه قد بذل في جزيته أكثر من دينار.. لزم الولد مثل ذلك. فإن قال الابن: لا ألتزم إلا دينارا.. لم يقبل منه إلا أن يمتنع بالقتال ثم يبذل الدينار، فيجب قبوله منه. ولا يلزم الولد جزية جده من قبل الأم؛ لأنه لا جزية على أمه، فلا يلزمه جزية أبيها.