[فرع زواجه صلى الله عليه وسلم من الأمة المسلمة ووطؤه لملك اليمين]
وأما تزويج الأمة المسلمة: فالمشهور من المذهب: أنه لا يحل له ذلك، لأن تزويجها للحر إنما يكون بشرطين: عدم طول الحرة، والخوف من العنت، وهذان، معدومان في حقه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وحكى المسعودي [في " الإبانة "] وجها آخر: أنه كان يحل له ذلك، لما ذكرناه في نكاحه للذمية.
فإذا قلنا بهذا: فما كان حكم ولده منها إذا قلنا: إن ولد العربي من الأمة مملوك؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه رقيق، كولدها من غيره.
والثاني: ليس برقيق، وهو الأصلح، لأنه يستحيل أن يسترق من هو جزء من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وأما وطء الأمة المسلمة بملك اليمين: فكان يحل له، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ}[الأحزاب: ٥٢][الأحزاب: ٥٢] الآية.
ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وطيء مارية القبطية بملك اليمين، وأولد منها إبراهيم عليه والسلام.
وكان يحل له وطء الأمة الكتابية بملك اليمين، لأنه اصطفى صفية بنت حيي من سبي خيبر، وكان يطؤها قبل أن تسلم، فلما أسلمت أعتقها، وجعل عتقها صداقها - وهذا مما خص به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أيضا- فتزوجها.
[مسألة تخيير النساء خاص به صلى الله عليه وسلم]
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فمن ذلك: أن من ملك زوجة.. فليس عليه تخييرها، وأمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يخير نساءه، فاخترنه) .
وجملة ذلك: أن الله تعالى خير النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: بين أن يكون نبيا ملكاً وعرض عليه مفاتيح خزائن الدنيا، وبين أن يكون نبياً مسكيناً، فشاور - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبريل - عَلَيْهِ السَّلَامُ -،