دليلنا: أنه يحتمل أنه أكره على شربها، ويحتمل أنه ظن أنه لا يسكر، فلا يلزمه الحد بالشك. وما رُوِيَ عن عُثمانَ وابن مَسعُودٍ. فقد رُوِيَ عن عمر:(أنه شم من ابنه عبيد الله رائحة الشراب فسأله، فقال: شربت الطلاء، فقال عمر: إنِّي سائل عنه، فإن كان مسكرا.. حددتك، فسأل عنه، فقيل: إنه مسكر، فحده، ولم يحده بشم الرائحة) . وكذلك رُوِيَ عن ابن الزبير.
[مسألة: تداخل حد الشرب يوجب حدا واحدا وماذا لو تقادم العهد قبل إقامته؟]
إذا شرب الخمر، فلم يحد حتى شرب ثانيا وثالثا.. حد للجميع حدا واحدا، كما قلنا في حد الزِّنَى.
وإن شرب الخمر، فمضى عليه زمان ولم يحد ولم يتب.. فإن الحد لا يسقط عنه، وكذلك سائر الحدود.
وقال أبُو حَنِيفَة:(يسقط بتقادم العهد حد الشرب وحد الزِّنَى دون حد القذف) .
دليلنا: أنه حد فلم يسقط بتقادم العهد، كحد القذف.
[مسألة: اجتماع أسباب الحدود]
وإن اجتمع عليه حدود بأسباب؛ بأن زنَى وهو بكر، وسرق، وشرب الخمر، وقذف.. فإنها لا تتداخل؛ لأن أسبابها مختلفة. فإن اجتمع عليه الحد في الزِّنَى، وحد القذف.. قدم حد القذف، سواء تقدم القذف أو تأخر.
واختلف أصحابنا في علته: فقال أبُو إسحاق وغيره: إنما قدم؛ لأنه حق آدمي.
وقال أبُو عليّ بن أبي هُرَيرَة: إنما قدم؛ لأنه أخف. والأول أصح.