وإن قطع من له يد صحيحة يداً شلاء.. لم يكن للمجني عليه أن يقتص، بل له الحكومة.
وقال داود: له أن يقتص.
دليلنا: أن اليد الشلاء لا منفعة فيها، وإنما فيها مجرد جمال، فلا يأخذ بها يداً فيها منفعة.
وإن قطع من له يد شلاء يداً صحيحة، فاختار المجني عليه أن يقطع الشلاء بالصحيحة.. قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (له القصاص) .
وقال أصحابنا: يرجع إلى عدلين من المسلمين من أهل الخبرة، فإن قالا: إذا قطعت هذه الشلاء لم يخف عليها أكثر مما يخاف عليه إذا قطعت لو كانت صحيحة.. فللمجني عليه أن يقتص. وإن قالا: يخاف عليه أكثر من ذلك، بأن تبقى أفواه العروق منفتحة لا تنحسم، فتدخل الريح فيها، فيخشى على النفس التلف.. لم يكن له أن يقتص؛ لأنه أخذ نفس بيد، وهذا لا يجوز.
وهل يجوز أخذ اليد الشلاء باليد الشلاء، أو الرجل الشلاء بالرجل الشلاء؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنهما متماثلان.
والثاني: لا يجوز؛ لأن الشلل علة، والعلل يختلف تأثيرها في البدن، فلا تتحقق المماثلة بينهما، ولا يتصور الوجهان إلا إذا قال أهل الخبرة: إنه لا يخاف على الجاني أن تبقى العروق منفتحة لا تنحسم. فأما إذا خيف عليه ذلك: فلا يجوز القصاص، وجهاً واحداً، على ما مضى في أخذ الشلاء بالصحيحة.