وأما كيفية الضرر: فإن ذلك معتبر بالعادة في ذلك الشارع، فإن كان شارعا لا تمر فيه القوافل والجيوش والركبان.. فيشترط أن يكون الجناح عاليا بحيث يمر الماشي تحته منتصبا فإن كان الشارع تمر فيه الجيوش والقوافل والركبان.. اشترط أن يكون الجناح عاليا بحيث يمر فيه الراكب على الدابة، وفي الكنيسة منتصبا.
وقال أبو عبيد بن حربوية: يشترط أن يمر الفارس تحته ورمحه منصوب بيده؛ لأن الفرسان قد يزدحمون، فيحتاجون إلى نصب الرماح. وهذا ليس بصحيح؛ لأنه يمكنه أن يحط رمحه على كتفه، ولأن الرمح لا غاية لطوله. وإن أظلم الطريق بهذا الجناح أو الروشن.. ففيه وجهان:
[أحدهما] : قال ابن الصباغ: يجوز ذلك؛ لأن ظلمة الطريق لا تمنع من المرور فيه، ولأنه لا يذهب الضوء جملة.
و [الثاني] : قال الصيدلاني: لا يجوز؛ لأن ذلك يضر بالمار فيه، فهو كما لو لم يمكنه المشي منتصبا.
[مسألة: لا يرتفق بهواء الجار إلا بإذنه]
وإن أراد أن يخرج جناحا أو روشنا فوق دار غيره، أو شارع جاره بغير إذنه.. لم يجز؛ لأنه لا يملك الارتفاق بقرار أرض جاره إلا بإذنه، فكذلك الارتفاق بهواء أرض جاره، فإن صالحه صاحب الدار أو الشارع على ذلك بعوض.. لم يصح؛ لأنه لا يجوز إفراد الهواء بالعقد.