دلينا: أن ما زال الملك فيه لحق الله.. لا يبطل باختلال الانتفاع به، كما لو أعتق عبدًا ثم زمن، ولأنه قد يصلي فيه أفراد الناس، وقد تعمر المحلة وتعمر الدار.
[فرع وقف نخلة فيبست أو مسجدًا فتلف منه شيء]
وإن وقف نخلة فانقلعت أو يبست، أو وقف مسجدًا فانكسرت خشبة منه.. ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز بيعها، لما ذكرناه في المسجد.
والثاني: يجوز بيعها؛ لأن منفعتها بطلت، فكان بيعها أولى من تركها.
فإذا قلنا بهذا: فهل يجب صرف ثمنها في شراء مثلها لتكون وقفًا مثلها، أو يكون ملكًا للموقوف عليه، ويصرف في سائر مصالح المسجد؟ فيه طريقان، كما قلنا في قيمة الوقف إذا تلف.
قال أبو علي السنجي: وكل ما اشتري للمسجد من الحصير والخشب والآجر والطين. لا يجوز بيع شيء منه؛ لأن ذلك كله في حكم المسجد، فهو كجزء من أجزائه. فإن أشرفت على الهلاك ولا يحتاج المسجد إليها، كالحصيرة البالية والأخشاب العفنة.. فهل يجوز بيعها؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأنا لو قلنا: لا يجوز بيعها.. لهلكت.
والثاني: لا يجوز، قال: وهو الأصح؛ لأنها في حكم المسجد.
قال الطبري: وما أشرف على الهلاك من أستار الكعبة، ولم يبق فيه جمال ولا منفعة.. فهل يجوز بيعه؟ يحتمل أن يكون على هذين الوجهين.