وأما الماء الذي في الموضع المنخفض، والجرية التي تجري بجنبه: فإن كانا متغيرين بالنجاسة.. فهما نجسان، وإن كانا غير متغيرين فإن بلغا جميعًا قلتين.. فهما طاهران، وإن كانا دون القلتين.. فهما نجسان، هكذا ذكره جماعة من أصحابنا.
وذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق ": إذا كان الماء الراكد أقل من قلتين، وفيه نجاسة ولم يتغير.. نظرت في الماء الجاري:
فإن دخل على الراكد وخرج منه من الجانب الآخر، فإن بلغا قلتين.. فهما طاهران وإن كانا دون القلتين.. فهما نجسان.
وإن كان الجاري لا يدخل إلى الراكد، ولكن يجري على سمته، فإن كان الجاري أقل من قلتين.. نجس؛ لأنه ملاصق ماء نجسًا، وإن كان قلتين.. لم ينجس؛ لأنه ماء كثير.
قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (ولا يطهر به ذلك الراكد؛ لأنه يفارقه، وما فارق الشيء.. فليس معه) .
وإن كان الراكد متغيرًا بالنجاسة، والجاري بجنبه قلتان غير متغير.. فقد تقدم ذكره عن ابن الصباغ: أن الجرية تنجس ما دامت محاذية للراكد، فإذا انفصلتا عنه.. حكم بطهارتهما.
[فرع: الجرية إذا كانت قلتين]
إذا كانت الجرية تبلغ قلتين وفيها نجاسة جارية معها، أو كانت النجاسة واقفة والجرية عليها تبلغ قلتين، أو كان في الموضع المنخفض من النهر نجاسة واقفة والراكد فيها مع الجرية بجنبه يبلغ قلتين، وهو غير متغير في ذلك كله.. فقد ذكرنا: أن الماء طاهر في هذه المسائل الثلاثة قولًا واحدًا، على طريقة البغداديين.
فإن أراد أن يستعمل من هذه الجرية، فإن قلنا بقول أبي إسحاق، وابن القاص في الماء الراكد: إنه لا يجوز له أن يستعمل إلا من موضع بينه وبين النجاسة قلتان.. فهاهنا أولى.