لا يصح عقد الذمة إلا من الإمام أو من النائب عنه؛ لأنه من المصالح العظام.
وإذا طلب قوم من الكفار أن تعقد لهم الذمة وهم ممن يجوز عقد الذمة لهم.. قال أصحابنا البغداديون: وجب على الإمام عقدها لهم.
وقال الخراسانيون: فيه وجهان:
أحدهما: لا يجب عليه إلا أن يرى المصلحة في عقدها لهم، كما قلنا في الهدنة.
والثاني: يجب عليه، وهو الأصح؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[التوبة: ٢٩] الآية [التوبة: ٢٩] . فأمر بقتال أهل الكتاب إلى أن يبذلوا الجزية، فدلَّ على: أنهم إذا بذلوا الجزية.. وجب رفع القتال عنهم.
ورُوِي:«أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان إذا بعث أميرا على سرية أو جيش، أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين وقال: إذا لقيت عدوك من المشركين.. فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك.. فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا.. فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوك.. فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا.. فاستعن بالله وقاتلهم» .
[مسألة: عقد الذمة من حيث التأبيد وشرطاه وتفسير اليد والصغار]
قال أصحابنا البغداديون: ولا يصح عقد الذمة إلا مؤبدا.