هذا نقل أصحابنا البغداديين، وقال المسعودي [في " الإبانة "] : إذا آووا عينا للمشركين، أو زنوا بمسلمة، أو سبوا مسلما، أو سرقوا ماله.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: تنتقض ذمتهم بذلك.
والثاني: لا تنتقض.
والثالث: إن شرط عليهم أن لا يفعلوا ذلك، فخالفوا.. انتقضت ذمتهم. وإن لم يشرط عليهم.. لم تنتقض ذمتهم.
إذا ثبت هذا: فكل من فعل منهم ما يوجب نقض ذمته.. ففيه قولان:
أحدهما: لا يجوز قتله ولا استرقاقه، بل يجب رده إلى مأمنه؛ لأنه كافر حصل في دار الإسلام، فصار كالكافر إذا دخل بأمان صبي.
فعلى هذا: يستوفى ما وجب عليه من الحد، ثم يرد إلى مأمنه.
والثاني: أن الإمام فيه بالخيار: بين القتل، والاسترقاق، والمن، والفداء، وهو الأصح؛ لأن أبا عبيدة بن الجراح قتل النصراني الذي استكره المرأة المسلمة على الزِّنَى قبل أن يرده إلى مأمنه، ولا مخالف له. ولأنه كافر لا أمان له، فهو كالحربي إذا دخل دار الإسلام متلصصا.
[مسألة: لا يقيم مشرك في الحجاز]
ولا يجوز لأحد من الكفار الإقامة في الحجاز، ولا يجوز للإمام أن يصالحهم على ذلك، فإن فعل.. كان الصلح فاسدا؛ لما رَوَى ابن عبَّاس: أنه قال: «أوصى النَّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بثلاثة أشياء؛ قال: " أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم» قال ابن عبَّاس: ونسيت الثالث! ورُوِى عمر: أن النَّبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -