وإن وطئ إحداهما.. فهل يكون وطؤه لها بيانا لإمساكها واختيارا للطلاق في الأخرى إذا كانتا اثنتين؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يكون تعيينا؛ لأنه وطء فلم تتعين به المطلقة، كما لو طلق واحدة بعينها وجهلها أو نسيها.
والثاني: يكون تعيينا، وهو الأصح؛ لأن هذا اختيار شهوة فوقع بالوطء، كما لو وطئ البائع الجارية المبيعة في حال الخيار.
وقال أحمد بن حنبل:(لا تتعين المطلقة بالقول ولا بالوطء، وإنما تتعين بالقرعة) .
دليلنا: أن القرعة لا مدخل لها في الزوجات في أصل الشرع.
إذا ثبت هذا، وعين الطلاق في واحدة.. فمتى وقع عليها الطلاق؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنه يقع عليها من حين إيقاعه؛ لأن الطلاق لا يجوز أن يكون في الذمة وإن لم تتعين المطلقة، فإذا عينها.. تبينا أن الطلاق وقع من حين الإيقاع.
فعلى هذا: يكون ابتداء عدتها من ذلك الوقت.
والثاني - وهو قول أبي علي بن أبي هريرة -: أنه وقع عليها من حين التعيين - وبه قال أبو حنيفة وأصحابه - لأن الطلاق لم يوقعه على واحدة منهن، بدليل: أن له أن يختار التعيين فيمن شاء منهن، فلو قلنا: إنه من وقت الإيقاع.. لما خيره في التعيين.
فعلى هذا: يكون ابتداء عدتها من وقت التعيين.
وحكي عن أبي علي بن أبي هريرة: أنه قال: وقع الطلاق من حين الإيقاع، إلا أن العدة من وقت التعيين، كما نقول فيمن نكح امرأة نكاحا فاسدا ووطئها.
[فرع: قوله زوجتي طالق وله زوجات ولم يعينها]
إذا كان له زوجات، فقال: زوجتي طالق، ولم يعين واحدة بقلبه.. وقع الطلاق على واحدة منهن لا بعينها. وبه قال عامة العلماء.