من الثاني والثالث، وإن عفا الأول عن الثاني.. كان للأول والثاني أن يأخذا من الثالث.
[مسألة: وجود أكثر من شفيع للشقص]
وإن كان للشقص شفعاء.. كانت الشفعة لجميعهم؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فإن باع، ولم يؤذن شريكه.. فشريكه أحق به بالثمن» . وكل واحد منهم شريك.
وإن كانت أنصباء الشفعاء متساوية.. قسم الشقص المبيع بينهم بالسوية، وإن تفاضلت أنصباؤهم.. ففيه قولان:
أحدهما: أنه يقسم بينهم على عدد الرؤوس، وبه قال الشعبي، والنخعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وأبو حنيفة وأصحابه، واختاره المزني؛ لأن كل واحد منهم لو انفرد بالشركة.. لأخذ الجميع وإن قل نصيبه، وإن اشتركوا.. تساووا في الأخذ، كالاثنين في الميراث، ولأن الشفعة لو كانت تستحق على قدر الملك.. لوجب أن يأخذ بقدر الملك حتى لو كان لرجل خمسة أسداس دار، ولرجل سدسها، ثم باع صاحب الخمسة الأسداس نصيبه.. لم يستحق صاحب السدس غير سدس ما بيع بقدر ملكه، وهذا لا يقوله أحد، فثبت أنها تستحق على العدد لا على قدر الملك، ولأنه لو كان عبد بين ثلاثة، لواحد النصف، وللآخر الثلث، وللآخر السدس، فأعتق صاحب النصف والسدس نصيبهما في حالة واحدة.. لقوم الثلث عليهما بالسوية، فكذلك هاهنا مثله.
والقول الثاني: أن الشفعة تقسم على قدر الملك، وبه قال الحسن البصري، وابن المسيب، وعطاء، ومالك، وأحمد، وإسحاق.
قال الشيخ أبو حامد: وهو الصحيح؛ لأنه حق مستفاد بالملك، فقسط على قدر الملك، كغلة العبد، وثمرة النخلة، وما قاله الأول.. منتقض بالفرسان والرجالة