إذا ادعى رجل على رجل أنه رهنه عينا بدين له عليه، فقال: ما رهنتكها. ولا بينة.. فالقول قول من عليه الدين مع يمينه أنه ما رهنه؛ لأن الأصل عدم الرهن. وإن اختلفا في عين الرهن، فادعى المرتهن أنه ارتهن منه هذا العبد، وقال الراهن: ما رهنتك هذا العبد، وإنما رهنتك الجارية.. حلف الراهن أنه ما رهنه العبد. وخرج العبد عن أن يكون رهنا بيمين الراهن، وخرجت الجارية عن أن تكون رهنا بإنكار المرتهن لها.
وإن اختلفا في قدر الرهن، مثل: أن يقول المرتهن: رهنتني هذين العبدين بمائة، وقال الراهن: بل رهنتك أحدهما بمائة، أو اختلفا في قدر الدين المرهون به، مثل: أن يقول المرتهن: رهنتني هذا العبد بمائة لي عليك، وقال الراهن: بل رهنتكه بخمسين منها. فالقول قول الراهن مع يمينه في المسألتين، وبه قال أبو حنيفة وأحمد رحمهما الله تعالى.
وقال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (القول قول من الظاهر معه، فإن كان العبد الذي أقر الراهن برهنه في المسألة الأولى يساوي مائة أو دونها، ويرهن مثله بمائة فالقول قول الراهن. وإن كان لا يساوي مائة، ولا يرهن مثله بمائة في العادة.. فالقول قول المرتهن، وكذلك في الثانية القول قول المرتهن في قدر الدين إن كانت قيمة العبد مائة. وإن كانت قيمته أكثر من المائة.. فالقول قول الراهن مع يمينه) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على المدعي، واليمين على من أنكر» . وهذا الراهن منكر فيهما، ولأنهما لو اختلفا في أصل العقد.. لكان القول قول الراهن، فكذلك إذا اختلفا في قدر المعقود عليه.