وقال أبو يوسف ومحمد: يصح هاهنا، وإجارة المشاع عند أبي حنيفة لا تصح من الشريك ولا من غيره، ورهن المشاع عنده لا يصح بحال.
دليلنا: ما روى أبو قتادة قال: «خرجنا مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أتينا الروحاء، فوجدنا حمار وحش معقورًا، فأردنا أخذه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " دعوه، فإنه يوشك أن يجيء صاحبه " فجاء رجل من فهر - وكان هو الذي عقره- فقال: هو لكم يا رسول الله، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكر: " اقسمه بين الناس» . فوجه الدليل من الخبر: أن الرجل وهب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه الحمار مشاعا، فدل على جواز هبة المشاع، ولأنه مشاع يصح بيعه.. فصحت هبته، كالذي لا ينقسم.
إذا ثبت هذا: فإن كان الموهوب مما لا ينقل ولا يحول، كالأرض والدور:
قال الشيخ أبو حامد: فإن القبض فيه أن يخلي بينه وبينه فيحضره إياه، ويقول: خليت بينك وبينه فتسلمه.
وإن كان مما ينقل ويحول.. فإن القبض لا يحصل فيه إلا بالنقل، فإن رضي الشريك الذي لم يهب أن يكون ذلك الشيء في يد الموهوب له.. جاز، فيكون نصفه له ونصفه وديعة. وإن لم يرض الشريك الذي لم يهب بذلك، فإن وكل الموهوب له الشريك ليقبض له.. صح. وإن لم يرض واحد منهما.. نصب الحاكم أمينًا ليقبض ذلك الشيء، وينقله، ويكون في يده أمانة للموهوب والشريك.
[فرع الهبة لرجلين]
وإن وهب رجل لرجلين شيئًا، فقبل أحدهما دون الآخر.. صحت الهبة في نصفه للذي قبل؛ لأن عقد الواحد مع الاثنين بمنزلة العقدين.