للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: القول قول اللقيط قولًا واحدًا.

والفرق بينهما: أن حد القذف يراد للردع والزجر، فإذا عدلنا عن الحد إلى التعزير.. حصل به الردع، والقصاص يراد للتشفي، فإذا عدلنا منه إلى الدية.. لم يحصل بها التشفي. ولأن التعزير بعض الحد، فإذا عدلنا عن الحد إلى التعزير، فقد عدلنا عن مشكوك فيه إلى يقين، فجاز. وليس كذلك الجناية، فإن اللقيط يجوز أن يكون عبدًا، فلا يجب في الجناية عليه قصاص، ويجوز أن يكون حرًا، فيجب على الجاني عليه القصاص. فالقصاص مشكوك فيه، والقيمة مشكوك فيها، فإذا جعلنا القول قول الجاني.. انتقلنا من مشكوك فيه إلى مشكوك فيه، فلم يجز.

[مسألة قبول قول اللقيط بأنه رقيق]

قال الشافعي: (فإذا بلغ اللقيط فباع واشترى، ونكح وأصدق، ثم أقر على نفسه بالرق.. قبل إقراره، وفي إلزامه الرق قولان) .

وجملة ذلك: أن اللقيط إذا بلغ، ثم باع واشترى، ووهب وأقبض، ونكح، فجاء آخر وادعى أنه عبده، فصدقه اللقيط، ولم يقم عليه بينة، أو قال اللقيط: أنا عبد فلان، وصدقه المقر له.. نظرت:

فإن كان اللقيط قد تقدم منه إقرار قبل هذا أنه حر.. لم يقبل إقراره الثاني أنه عبد؛ لأنه بإقراره الأول أنه حر، لزمته أحكام في العبادات لله تعالى فلا يقبل إقراره بما يسقطها، ولهذا لو أن حرًا قال لرجل: جعلت نفسي عبدك.. لم يصر عبده بذلك.

وإن لم يتقدم منه إقرار بالحرية.. فقد قال الشافعي: (قبل إقراره، وفي إلزامه الرق قولان) .

واختلف أصحابنا في ترتيب المذهب فيها:

فقال أبو الطيب بن سلمة: هل يقبل إقراره في الرق؟ فيه قولان:

أحدهما: يقبل إقراره ويحكم برقه؛ لأنه مجهول الحال.. فقبل إقراره على نفسه بالرق، كما لو قدم رجل من بلاد الكفر لا يعرف نسبه، فأقر على نفسه بالرق. ولأن

<<  <  ج: ص:  >  >>