عهد رسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، غنموا طعامًا وعسلًا، فلم يؤخذ منهم الخمس» يعني: مما أكلوا ولأن الحاجة إلى إباحة ذلك للغانمين؛ لأنه يشق عليهم حمل ما يقتاتون إلى دار الحرب ويشق عليهم أن يشتروا من المشركين. ولأنه ربما فسد إذا حمل إلى دار الإسلام، وربما كانت المؤنة بنقله أكثر من قيمته، فكانت إباحته للغانمين من غير عوض أولى.
وهل لهم أن يأكلوا منه من غير حاجة لهم إلى الأكل؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز لهم أكله، كما لا يجوز للإنسان أكل مال غيره بغير إذنه من غير حاجة به إليه.
والثاني ـ وهو ظاهر المذهب ـ: أنه يجوز لهم أكله؛ لما رُوِيَ عن عبد الله بن مغفل، أنه قال:«ولي جراب فيه شحم يوم خيبر، فأتيته فالتزمته، ثم قلت: لا أعطي أحدًا منه شيئًا، فالتفت فإذا برسول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، خلفي يبتسم» ، فلو لم يجز أكل ما زاد على الحاجة.. لنهاه عن ذلك.
[فرع: قرض طعام الغنيمة]
قال الشافعي، - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: (فإذا أقرض غيره شيئًا من ذلك الطعام.. جاز) .
قال أصحابنا: لم يرد بذلك أنه قرض في الحقيقة؛ لأنه لا يملكه، وإنما أبيح له أخذه، فإذا أخذه. كان أحق به من غيره. فأما إذا أقرضه غيره من الغانمين ودفعه إليه. صار الثاني أحق به من الأول؛ لأن يد الأول زالت عنه وثبتت يد الثاني عليه. فإذا رده إلى الأول.. صار أحق به أيضًا. وإن دفعه لغير الغانمين.. وجب عليه رده إلى الغنيمة.