بالجرح، وكذلك إذا ادعى البينة بالقضاء أو البراءة.. فله أن يلازمه إلى أن يقيم البينة بذلك.
فإن ادعى المدعى عليه: أن المدعي يعلم أن الشهود الذين أقامهم مجروحون، وسأله أن يحلف على ذلك.. فهل يلزمه أن يحلف على ذلك؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي [في " الإبانة "] :
أحدهما: لا يلزمه أن يحلف، كما لا يلزم المزكي والقاضي أن يحلف.
والثاني: يلزمه أن يحلف، كما لو قذف ميتا فطالبه وارث المقذوف بحد القذف، فسأله أن يحلف: ما يعلم أن مورثه زنى.. فإنه يلزمه أن يحلف، فكذلك هذا مثله.
وإن طلب المشهود عليه يمين الشاهد: ما هو مجروح.. لم يلزمه أن يحلف؛ لأنا لو حلفناه.. صار خصما، فيؤدي إلى أن يصير جميع الشهود خصوما.
وإن أقام المدعي شاهدين ولم تثبت عدالتهما، وسأل أن يحبس له الخصم إلى أن تثبت عدالتهما، أو أقام شاهدا وسأل أن يحبس له الخصم إلى أن يقيم الآخر؛ وقد مضى بيانه في (حد القذف) .
[مسألة القضاء بعلم القاضي]
إذا علم القاضي حال المحكوم فيه، ولم تقم عنده بينة؛ مثل أن يعلم أن رجلا غصب من رجل مالا أو اقترض منه، أو علم أن رجلا زنى أو سرق.. فهل يجوز له أن يقضي فيه بعلمه؟ نظرت:
فإن كان في حقوق الآدميين.. ففيه قولان:
أحدهما: لا يجوز له أن يقضي فيه بعلمه.. وبه قال شريح، والشعبي، ومالك، وابن أبي ليلى، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ}[النور: ٤] الآية [النور: ٤] . فأمر بجلد القاذف إذا لم يأت بأربعة