ودليلنا: أن عليا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وأرضاه - لما غلب أهل البغي، وقد كانوا حكموا مدة طويلة بأحكام، وما رُوِي: أنه رد شيئا منها.
ولأن لهم تأويلا، فلم يفسقوا به، ولم يرد قضاء قاضيهم، كقاضي أهل العدل.
إذا ثبت هذا: فإن حكم قاضي أهل البغي بسقوط الضمان عن أهل البغي فيما أتلفوا على أهل العدل من نفس ومال، فإن كان قال: قد حكمت بأن كل ما يتلفونه لا شيء عليكم فيه.. فليس هذا بحكم، ولا يلتفت إليه.
وإن جاء العدل المتلف عليه بالذي أتلف عليه إلى قاضيهم لينظر بينهما، فقضى: بأن لا ضمان على الباغي فيما أتلفه، فإن كان فيما أتلفه قبل قيام الحرب أو بعدها.. لم ينفذ حكمه؛ لأنه لا يسوغ فيه الاجتهاد، وإن كان فيما أتلفه في حال قيام الحرب.. نفذ حكمه؛ لأنه يسوغ في الاجتهاد.
فإن كتب قاضي أهل البغي إلى قاضي أهل العدل بحكم.. فالمستحب له: أن لا يقبل كتابه، استهانة بهم، وكسرا لقلوبهم، فإن قبله.. جاز.
وقال أبُو حَنِيفَة:(لا يجوز) .
دليلنا: أنا قد دللنا: أنه ينفذ حكمه، ومن نفذ حكمه.. جاز قبول كتابه، كقاضي أهل العدل. هذا نقل أصحابنا العراقيين.
وقال الخراسانيون: إن كان قد نفذ القضاء قبل كتابه، وإن لم ينفذ القضاء.. فهل يقبل كتابه؟ فيه قولان.
[فرع: قبول شهادة العدل من أهل البغي]
] : وإن شهد عدل من أهل البغي.. قبلت شهادته، ووافقنا أبُو حَنِيفَة على ذلك؛ لأنهم وإن كانوا فسقة عنده.. ففسقهم عنده من جهة التدين، وذلك لا يوجب رد