ومن أصحابنا من قال: إذا ادعاه وأقام البينة. حكم بكفره قولًا واحدًا، كما قال أبو إسحاق. وإن لم يقم البينة.. ففيه قولان:
أحدهما: يحكم بكفره؛ لأن كل ما ألحقه بنسبه، ألحقه بدينه، كالبينة.
والثاني: لا يحكم بكفره؛ لأن إقراره تضمن ما ينفع اللقيط وهو: وجوب نفقته وحضانته عليه، وما يضره وهو: كونه كافرًا، فقبل قوله فيما ينفع اللقيط دون ما يضره. ولأنه يجوز أن يكون ولده وهو مسلم بإسلام أمه، وإذا احتمل هذا. لم يحكم بكفر من حكم بإسلامه بظاهر الدار بقول كافر.
والصحيح: طريقة أبي إسحاق، وقد نص الشافعي عليها في " الإملاء ". فكل موضع حكمنا بكفره، فإن الشافعي قال:(أحببت أن أجعله مسلمًا) . قال أصحابنا: أراد: أن المستحب أن لا يدفع إليه، لئلا يفتنه عن الإسلام إن أراده، بل يترك في يد الملتقط، ويؤخذ الكافر بنفقته وأجرة حضانته إلى أن يبلغ. وإن وصف الإسلام.. حكمنا بإسلامه من الآن. وإن وصف الكفر.. فهو كافر لم يزل، ودفعناه إلى أبيه.
وكل موضع حكمنا بإسلامه.. فلا يجوز دفعه إلى أبيه، بل يقر في يد الملتقط ويطالب أبوه بنفقته وأجرة حضانته إلى أن يبلغ. فإن وصف الإسلام.. حكمنا بأنه مسلم لم يزل. وإن وصف الكفر.. فهل يقر عليه؟ يأتي بيانه.
[مسألة دعوة المرأة]
قال الشافعي:(ولا دعوة للمرأة إلا ببينة) .
وجملة ذلك: أن المرأة إذا ادعت بنوة اللقيط.. هل تقبل دعوتها من غير بينة؟ أختلف أصحابنا فيها على ثلاثة أقوال:
فـ (الأول) : منهم من قال: لا تقبل دعوتها. وهو المذهب؛ لأن الأم يمكنها