والثاني ـ وهو المنصوص ـ:(أنه لا يصح توكيله فيه) ؛ لأن قوله: اصنع فيه ما شئت، يحتمل على ما شئت من التوكيل، ويحتمل ما شئت من التصرف في المال الذي يقتضيه إذن الموكل، فلا يجوز له التوكيل بأمر محتمل، بدليل: أنه لا يملك أن يهبه لغيره.
وإن كان ما وكل فيه مما لا يتولاه بنفسه، كعمل لا يحسنه، أو عمل يترفع عنه..فله أن يوكل فيه غيره؛ لأن توكيله فيما لا يحسنه أو فيما يترفع عنه إذن له في التوكيل فيه من طريق العرف. هذه طريقة أصحابنا البغداديين. وقال الخراسانيون: إذا وكله فيما لا يتولاه بنفسه.. فهل له أن يوكل غيره؟ فيه وجهان.
وإن وكله في تصرف لا يقدر على جميعه بنفسه.. فله أن يوكل فيما لا يقدر عليه منه؛ لأن ذلك مأذون له في التوكيل فيه من طريق العرف، وهل له أن يوكل في جميعه، أو في شيء مما يقدر عليه بنفسه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجوز؛ لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل فيه، فجازت في جميعه. كما لو أذن له في التوكيل بلفظه.
والثاني: لا يجوز؛ لأن التوكيل إنما جاز له فيما تدعوه الحاجة إليه، ولا حاجة إلى التوكيل فيما يقدر عليه.
[فرع: توكيل اثنين والإذن لهما]
] : وإن وكل وكيلين في تصرف، كالبيع، والإجارة، وما أشبههما.. نظرت:
فإن صرح بأن لكل واحد منهما التصرف على الانفراد.. كان لهما التصرف بالاجتماع والانفراد؛ لأنه قد أذن لهما بذلك.
وإن قال: وكلتكما على الاجتماع، أو وكلتكما في كذا، أو أطلق.. لم يكن لأحدهما أن ينفرد بالتصرف؛ لأنه لم يرض بنظر واحد منهما، فإن غاب، أحدهما أو مات.. لم يكن للحاكم أن يقيم آخر مقام الآخر؛ لأن الموكل لم يرض بنظر غيره،