أحدهما: لا يحكم له بهذه الشهادة؛ لأنها شهادة بملك متقدم فلم تقبل، كما لو ادعى ملك عين وأقام بينة أنها كانت له.
والثاني: يحكم له بها؛ لأن البينة شهدت موافقة لدعواه، فحكم بها. ويفارق إذا ادعى ملك العين في الحال، وشهدت له البينة أنها كانت له ملكا؛ فإن البينة لم تشهد موافقة لدعواه.
ومنهم من قال: يحكم بها هاهنا قولا واحدا، وهو المنصوص في " المختصر "، واحتج بها المزني على ما اختاره في الأولى. والفرق بينها وبين الأولى: أنه هاهنا ادعى أن العبد كان ملكا له، وإنما قد أعتقه، فحكم فيه بالشاهد والمرأتين، وفي التي قبلها: لم يدع ملك الولد، وإنما ادعى حريته ونسبه، فلم يحكم بذلك بالشاهد والمرأتين.
[مسألة الشهادة على ما ليس بمال ولا يطلع عليه الرجال]
] : قد ذكرنا: أن حقوق الآدميين على ثلاثة أقسام، ومضى الكلام على قسمين، وبقي الكلام على القسم الثالث؛ وهو: ما ليس بمال ولا المقصود منه المال ولا يطلع عليه الرجال، وهو مثل: الرضاع، والولادة، واستهلال الولد، وعيوب النساء تحت الثياب كالرتق والقرن.. فهذا كله وما أشبهه يثبت بالشاهدين، أو بالشاهد وامرأتين، أو بأربع نسوة منفردات، وبه قال أكثر أهل العلم.
وقال أبو حنيفة وابن أبي ليلي:(لا يثبت الرضاع بشهادة النساء منفردات) .
دليلنا: أن الرجال لا يطلعون على ذلك في العادة، فلو لم تقبل فيه شهادة النساء منفردات.. لبطل.
والدليل على أن شهادة النساء منفردات تقبل في الرضاع: أنها شهادة على عورة يثبت فيها تحريم أو حرمة، فقبل فيها شهادة النساء منفردات، كالولادة. وفيه احتراز من الشهادة على الزنا.