وكل موضع تقبل فيه شهادة النساء منفردات.. فاختلف أهل العلم في عددهن:
فمذهبنا: أنه لا يقبل إلا من أربع نسوة عدول، وبه قال عطاء.
وقال عثمان البتي: تقبل من ثلاث. وقال مالك والأوزاعي:(تقبل من اثنتين) . وقال أبو حنيفة:(تقبل شهادة القابلة وحدها في الولادة) . وقال ابن عباس والزهري:(تقبل شهادة الواحدة في الرضاع) ؛ لما «روى عقبة بن الحارث: أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت امرأة سوداء فذكرت: أنها قد أرضعتهما، فذكر ذلك للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " كيف وقد شهدت السوداء أنها قد أرضعتكما؟» .
وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن " فقالت امرأة: يا رسول الله، ما ناقصات العقل والدين؟ قال:" أما نقصان العقل: فشهادة امرأتين بشهادة رجل، وأما نقصان الدين: فإنها تمكث شطر دهرها لا تصلي» . فأخبر الله ورسوله: أن شهادة امرأتين شهادة رجل، وقد ثبت أن هذه الحقوق لا يقبل فيها من الرجال إلا رجلان، فثبت أنه لا تقبل فيها من النساء إلا أربع.
وأما الخبر الذي احتج به لابن عباس: فإنما أمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترك المرأة استحبابا لا وجوبا، بدليل قوله: " كيف وقد شهدت السوداء؟ " أي: اترك ذلك، كيف وقد انضاف إلى ما قلت لك من الترك بشهادة السوداء، ولو أمره بتركها موجبا.. لقال له: اتركها؛ لأن السوداء قد شهدت بأنها قد أرضعتكما.