دليلنا: أنه نوع معاوضة محضة، فصح معجلاً، كالبيع. وفيه احترازٌ من الكتابة؛ لأنه ليس المقصود منها العوض، وإنَّما المقصود منها تكميل أحكام العبد بالحرية.
ولأن السلم إذا صح مع ذكر الأجل ـ وهو نوعٌ من الغرر؛ لأنه ربما ينقطع المسلم فيه، وربما لا ينقطع، وربما أمكن التسليم، وربما لم يمكن ـ فلأن يصح مع فقده أولى. ولا تدخل عليه الكتابة؛ لأن الغرر فيها في فقد الأجل؛ لأنه يحل العوض فيها عقيب العقد، ولا يقدر على تسليمه؛ لأن ما بيده لمولاه، فيكون فيه غرر، فإذا كاتبه إلى نجمين.. يجوز أن يملك إلى حين المحل ما يؤدِّي، فانتفى عنه الغرر بذكر الأجل.
[فرعٌ: جواز السلم في المعدوم والموجود]
] : ويجوز السلم في المعدوم إذا كان مأمون الانقطاع عند المحل وإن كان منقطعًا حال العقد أو ما بعده، إلا أن يكون المسلم حالاًّ.. فيعتبر وجوده حال العقد. هذا مذهبُنا، وبه قال مالكٌ، وأبو يوسف، وأحمد، وإسحاق.
وقال الأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة وأصحابه:(من شرط السلم، أن يكون المسلم فيه موجودًا من حين العقد إلى حين المحل) .
دليلنا: ما روى ابن عبّاس: «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدم المدينة، وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين والثلاث، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من أسلف.. فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» . ولا محالة أنه يكون منقطعًا في بعض الأوقات، ولأنه وقتٌ لم يكن محلاًّ للسلم عقدًا، فلم يكن وجوده فيه شرطًا، كما قبل العقد.
فقولنا:(عقدًا) احترازٌ من المسلم إليه إذا مات.. فإنه يكون وقتًا لمحل السلم، لكن بغير العقد.