والثاني: يحجر عليه؛ لأن الظاهر من حاله أن ماله يعجز عن ديونه، والحجر يجوز بالظاهر، ألا ترى أن السفيه يجوز الحجر عليه؛ لأن الظاهر منه التبذير وإن كان يجوز ألا يبذر؟
[مسألة: الإشهاد على الحجر]
وإذا حجر الحاكم عليه.. فالمستحب: أن يشهد على الحجر، ويأمر مناديا فينادي في البلد: ألا إن الحاكم قد حجر على فلان بن فلان؛ لأنه إذا لم يفعل ذلك.. اغتر الناس به، فيعاملونه، فيؤدي إلى الإضرار بهم، فإذا عاملوه بعد علمهم بالحجر.. فقد دخلوا على بصيرة، ولأن هذا الحاكم ربما مات أو عزل، فولي غيره، فإذا أشهد الأول على الحجر.. أمضاه الثاني، ولا يحتاج إلى ابتداء حجر عليه.
[فرع: الحجر للإفلاس يعلق الديون بماله]
وإذا حجر الحاكم على المفلس.. تعلقت ديون الغرماء بماله، ومنع من التصرف بماله.
وقال أبو حنيفة:(لا تتعلق الديون بماله، ولا يمنع من التصرف بماله، بل يحبسه الحاكم حتى يقضي ما عليه من الدين) .
دليلنا: ما روي: «أن معاذ بن جبل ركبته الديون على عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكلم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غرماؤه، فلم يزد على أن خلع ماله لهم» وأقل ما يقتضي الخلع: أنه منعه من التصرف بماله.
وروى أبو سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: «أن رجلا أصيب بثمار ابتاعها، فلم يف ماله بدينه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذوا ماله، ليس لكم إلا ذلك» وفي إذنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم بأخذ ماله.. منع من التصرف فيه.
وإذا تصرف المفلس بعد الحجر.. نظرت:
فإن تصرف في ذمته، بأن اقترض، أو اشترى شيئا بثمن في ذمته، أو أسلم إليه في