وفي رواية: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خلع ماله لهم» يعني: لغرمائه، وهذا يحتمل تأويلين:
أحدهما: أن ماله لم يف بالدين، فحجر عليه، فيكون معنى قوله:(خلع) أي: حجر عليه.
والثاني: أن معنى قوله: (خلع ماله لهم) أي: باع ماله لهم.
وروى أبو سعيد الخدري: «أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "تصدقوا عليه". فلم يف بما عليه، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذوا ماله، ليس لكم إلا ذلك» ولم يرد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خذوا ماله " أي: انتهبوا ماله، وإنما أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: خذوه بالحصص.
وأبو حنيفة يقول:(ليس لهم أن يأخذوه إلا أن يعطيهم إياه) . وهذا يخالف الخبر.
وإن كان له مال يفي بدينه، إلا أن أمارات الفلس ظهرت به، بأن كان ماله بإزاء دينه، ولا وجه لنفقته إلا مما بيده، أو كان له وجه كسب إلا أن قدر النفقة أكثر مما يحصل له بالكسب.. فهل للحاكم أن يحجر عليه إذا سأله الغرماء ذلك؟ حكى الشيخ أبو إسحاق في ذلك قولين، وحكاهما الشيخ أبو حامد، وابن الصباغ وجهين:
أحدهما: لا يجوز الحجر عليه، بل يأمره الحاكم بقضاء الدين على ما بيناه؛ لأن الحجر إنما يكون على المفلس، وهذا ليس بمفلس.