قذفاً بظاهره، لأن حقيقة هذا القول عنده: الصعود، كما قلنا فيمن قال لامرأته: أنت طالق أن دخلت الدار - بفتح الهمزة-.
وإن قال: زنأت في الجبل.. ففيه ثلاثة أوجه حكاها المسعوديُّ [في " الإبانة "] :
أحدها: أنه قذف، وقوله: (في الجبل) بيان المحل.
والثاني: لا يكون قذفاً بظاهره.
والثالث: إن كان لا يعرف العربية.. لا يكون قذفاً، وإن كان يعرف العربية.. كان قذفاً.
[مسألة: قوله زنَى فرجك أو يدك أو بدنك أو نحو ذلك]
إذا قال رجل لامرأة: زنَى فرجك، أو قال لرجل: زنَى ذكرك أو أيرك.. كان صريحاً في القذف، لأن ذلك صريح في الفاحشة.
وإن قال لرجل أو لامرأة: زنَى دبرك.. كان صريحاً في القذف.
وقال أبُو حَنِيفَة: (لا يكون ذلك قذفاً) بناء على أصله: أن الحد لا يجب بالوطء في الدبر، وقد دللنا عليه، ونقول هاهنا: لأنه أضاف الزِّنَى إلى سبيل يجب بالزِّنَى فيه الحد، فكان قذفاً صريحاً، كما لو قال لامرأة زنَى فرجك.
وإن قال: زنت عينك، أو يدك، أو رجلك.. ففيه وجهان:
أحدهما: أنه صريح في القذف- وهو ظاهر ما نقله المزني - لأنه أضاف الزِّنَى إلى بعض منه، فهو كما لو أضافه إلى الفرج أو إلى الذكر.
والثاني: أنه ليس بصريح في القذف، وإنما هو كناية فيه. قال الشيخُ أبُو حامد:
ولعله أصح، لأن لهذه الأعضاء زنايين:
زنا ليس بفاحشة، وهو النظر من العينين، والبطش من اليدين، والمشي من الرجلين. وزنا هو فاحشة، وهو مشاركة هذه الأعضاء للفرج، ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «العينان تزنيان، واليدان تزنيان، والرجلان تزنيان، ويصدق ذلك ويكذبه الفرج»