والجماعة، لم تختل الجماعة بتخلفه، ولم يتعطل المسجد. . فصلاته في بيته أفضل من صلاته في المسجد؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صلاة المرء في بيته، أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة» .
ولم يذكر في " الإبانة "[ق ٧٦] غير هذا، والصحيح: أن صلاتها في الجماعة أفضل؛ لإجماع الصحابة على ذلك، وإجماع أهل الأعصار بعدهم.
وأما الخبر: فأراد النوافل التي ليس لها سبب، ولا وقت معين.
[فرع عدة قيام رمضان وميزة أهل المدينة]
قال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (ورأيتهم بالمدينة يقومون بتسع وثلاثين، وبمكة بثلاث وعشرين، وهو أحب إلي) .
وجملة ذلك: أن التراويح عندنا عشرون ركعة، بعشر تسليمات. وبه قال أبو حنيفة، وأحمد.
وقال مالك:(هو ست وثلاثون) . وتعلق بفعل أهل المدينة.
ودليلنا: ما ذكرناه من فعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفعل الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
وأما أهل المدينة: فإنما فعلوا هذا؛ لأنهم أرادوا أن يساووا أهل مكة، وذلك: أن أهل مكة كلما صلوا ترويحة: وهي أربع ركعات. . طافوا بالبيت سبعًا، فتحصل عنهم أربع طوفات، ولا بيت لأهل المدينة يطوفون به، فجعل أهل المدينة مكان كل طواف ترويحة، أربع ركعات، فزادوا أربع ترويحات، وهي ست عشرة ركعة مع التراويح، وهي عشرون ركعة، والوتر ثلاث ركعات، فحصل معهم: تسع وثلاثون ركعة.
قال ابن الصباغ: قال أصحابنا: وليس لغير أهل المدينة أن يفعلوا ذلك؛ لأن أهل المدينة شرفوا بمهاجرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلهذا أرادوا مساواة أهل مكة.