ودليلنا: أن كل واحد من الموصى لهما قد ساوى صاحبه وقت الوجوب، فقسم بينهما، كما لو أوصى لهما بثلث ماله أو بعين من ماله في حالة واحدة.
وإن أوصى لأحدهما بثلث ماله، ثم أوصى لآخر بثلث ماله، فرد أحدهما وصيته.. توفر جميع الثلث على الذي لم يرد؛ لأنه قد أوصى له بثلث ماله، وليس هاهنا من يزاحمه فهو كما لو لم يوص إلا له.
[فرع وصى لرجل بشيء ثم قال هو لآخر]
وإن وصى لرجل بشيء، ثم قال: ما أوصيت به لفلان فقد أوصيت به لفلان.. فهو رجوع عن وصيته الأولى؛ لأنه قد نقل الوصية من الأول إلى الثاني، وصرح بذلك.
وحكى الشيخ أبو إسحاق وجها آخر: أنه يكون بينهما، والأول أصح.
[مسألة أوصى بعبد ثم باعه]
وإن وصى لرجل بعبد، ثم باعه، أو وهبه وأقبضه، أو أعتقه، أو كاتبه، أو أوصى للعبد بشيء من ذلك.. كان رجوعاً في الوصية الأولى؛ لأن هذه الأشياء تنافي مقتضى الوصية؛ لأن الوصية تمليك بعد الوفاة، فينبغي أن يكون الموصى به على ملكه حتى يقع تملكه بعده.
وإن عرضه للبيع، أو وهبه لآخر فلم يقبل، أو رهنه.. ففيه وجهان:
أحدهما: أن ذلك رجوع في الوصية؛ لأنه عرضة لزوال الملك.
والثاني: ليس برجوع؛ لأن ملكه لم يزل عنه، والأول أصح.
وإن وصى بثلث ماله، ثم باع ماله.. لم يكن رجوعاً في الوصية؛ لأن ماله معتبر عند الموت.