و [الوجه الثالث] : منهم من قال: لا يجب عليه الضمان، وهو المذهب؛ لأن الأصل براءة ذمته من الضمان، وحمل النص عليه إن عرف أن عنده وديعة ببينة، أو إقرار الورثة، ومات ولم يوص بها.
[مسألة: إيداع الوديعة عند آخر]
] : إذا أودع الوديعة عند غيره من غير ضرورة.. ضمنها، سواء أودعها الحاكم، أو زوجته، أو غلامه.
وحكى ابن الصباغ وجها آخر: أنه إذا أودعها الحاكم مع غيبة المالك، أو وكيله من غير ضرورة.. لم يضمن.
وقال أبو العباس: إنما يضمنها إذا سلمها إلى الذي أودعها إياه لينفرد بتدبيرها، فأما إذا استعان به في سلتها، أو في إغلاق الباب، أو في فتحه، أو في الإتيان بها إليه، بحيث لا تغيب عن نظر المودع.. فلا ضمان عليه، وهذا كما نقول فيمن أودع بهيمة.. فليس عليه أن يعلفها ويسقيها بنفسه، بل إذا تقدم بذلك إلى خادمه، أو سائسه.. جاز، ولا يضمن. هذا مذهبنا.
وقال مالك:(إن أودعها زوجته.. لم يضمن، وإن أودعها غيرها، من عبده، أو غيره.. ضمنها) .
وقال أبو حنيفة:(إن أودعها من يعوله، وينفق عليه، مثل زوجته، أو خادمه أو امرأة في داره يعولها.. فلا ضمان عليه) .
ودليلنا: أنه أودع الوديعة من لم يأتمنه المودع، فضمنها، كما لو أودعها أجنبيا.
فإن هلكت الوديعة عند المودع الثاني من غير تفريط منه.. فللمالك أن يضمن إن شاء منهما؛ لأنهما متعديان؛ فإن ضمنها للمودع الثاني.. نظرت في الثاني: