[فرع شهدا على رجل أنه طلق بائنا فطلقت زوجته ثم رجعا]
وإن شهد رجلان على رجل: أنه طلق امرأته طلاقا بائنا، وحكم الحاكم عليه بالطلاق، ثم رجعا عن الشهادة.. نظرت: فإن كان بعد الدخول.. رجع الزوج عليهما بمهر مثلها، على كل واحد منهما بنصف مهر مثلها. وبه قال ربيعة وعبيد الله بن الحسن العنبري. وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه:(لا يرجع عليهما بشيء) .
دليلنا: أنهما أتلفا عليه بضعها، فوجب عليهما مهر مثلها، كما لو كان قبل الدخول.
فإن كان ذلك قبل الدخول.. وجب عليهما الضمان؛ لأنهما أتلفا عليه بضعها، وبكم يرجع عليهما؟
روى المزني:(أنه يرجع عليهما بجميع مهرها) ، وروى الربيع:(أنه يرجع عليهما بنصف مهر مثلها) . واختلف أصحابنا فيها على طريقين:
فـ[الأول] : منهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: يرجع عليهما بنصف مهر مثلها - وهو اختيار القاضي أبي الطيب - لأن الفرقة إذا وقعت قبل الدخول.. فالزوج مالك لنصف البضع؛ بدليل: أنه لا يلزمه إلا نصف المهر، فكأنهما لم يتلفا عليه إلا بنصف البضع، فلم يلزمهما أكثر من قيمة نصف مهر مثلها.
والثاني: يلزمهما جميع مهر مثلها - وهو اختيار الشيخ أبي حامد - لأن ملك الزوج على البضع قبل الدخول كملكه عليه بعد الدخول؛ بدليل: أنه يملك المعاوضة عليه قبل الدخول كما يملك ذلك بعد الدخول، فلما ثبت أنهما إذا شهدا عليه بعد الدخول وجب عليهما مهر مثلها.. فكذلك قبل الدخول.
و [الطريق الثاني] : من أصحابنا من قال: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين: